بسم الله الرحمن الرحيم تفكر ساعة آيات الله سبحانه وتعالى في قلب الإنسان
- الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد… يقول العلماء المسلمون الربانيون المختصون بعلوم الروحانيات والسلوك إلى الله تعالى مقولة لطيفة وعظيمة جداً أحببنا أن نجعلها مدخلاً لكلامنا إن شاء الله تعالى…يقولون:- إن المؤمن يطير بجناحين، الذكر والفكر. أي مثلما يطير الطائر في أجواء الفضاء العالية بمساعدة جناحيه، فبدونهما أو بدون أحدهما لا يستطيع الطيران، كذلك المؤمن لا يستطيع أن يحلق في أجواء الإيمان بالله تعالى ويصل إلى مراتبه السامية العالية إلا بمساعدة جناحي الذكر والفكر؛ وهذا المعنى اللطيف لم يتوصلوا إليه نتيجة اجتهاد فكري بحت قابل للمناقشة ويحتمل الخطأ والصواب، وإنما هو معنى عظيم اقتبسوه واستلهموه من القرآن الكريم، من كلام رب العالمين، خالق هذا الإنسان والعالم بنوازع نفسه ودواخلها وبما يصلحها وما يفسدها. ألم نسمع عن قوله تعالى في سورة آل عمران؟ بسم الله الرحمن الرحيم: ((إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لألي الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار.)) (آل عمران: 190-191) ومثلما هو معلوم أن واجب العلماء المختصون في علوم الدين الإسلامي وواجب الأئمة والخطباء والدعاة إلى الله تعالى هو تعليم الذكر والحث عليه والدعوة إليه (والذكر يشمل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن والتسبيح والحمد والتهليل وسائر العبادات)، كذلك فإن من واجب العلماء المسلمين المختصين في مختلف العلوم كالأطباء والمهندسين وعلماء الأحياء والكيمياء والكون والذرة… إلى آخره، أن يدعو الناس إلى عبادة التفكر. ومنهج التفكر الإسلامي الذي توضحه هذه الآيات الكريمة الجامعة، هو تفكر في الخلق، خلق السماوات والأرض، التفكر في بديع الصنع، والتفكر في الحكمة والتدبير والإتقان والعناية، وهذا التفكر يوصل بالنهاية إلى نتائج حتمية ومنطقية، ليس مبتوراً ولا تائهاً وإنما موصولاً بالنتائج الحتمية الواضحة لكل ذي عين ولب. هذه النتائج هي التي تذكرها الآية الكريمة: (ربنا ما خلقت هذا باطلاً…)، (سبحانك…)، (فقنا عذاب النار…). وهذا الواجب هو خدمة للأيمان ومرضاة للرحمن جل جلاله، واتباعاً لهذا المنهج القرآني الرباني، نبدأ اليوم درسنا عن آيات الله سبحانه وتعالى في عجائب خلقه لهذا الإنسان الذي هو أسمى المخلوقات وأعلاها وأشرفها في هذا الوجود كله، ونتفكر في عضو مهم جداً، بل من أهم أعضاء الجسم الإنساني ألا وهو القلب. لمحات إعجازية في خلق قلب الإنسان إن الذي يقرأ عن القلب ويتفكر في خلقه وفي تركيبه ووظائفه ليقف وقفة إجلال وانبهار بالمولى عز وجل ولا يملك إلا أن تنساب الآية الكريمة في سورة لقمان من بين شفتيه… بسم الله الرحمن الرحيم: ((هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين)) (لقمان11) فلننظر ولنتفكر ولنجرب نبضات القلب أن عدد نبضات القلب في الإنسان وكما هو معروف ومعلوم عند معظم الناس هو (72) نبضة في الدقيقة الواحدة وكمية نتاج القلب في النبضة الواحدة هو (70مللتر) من كل بطين. إن هذه الأرقام قد تكون مألوفة ولا نرى فيها شيء غير ، ولا تجلب الانتباه، ولكن لو ركزنا قليلا وأمعنا في التفكير لوجدنا أن هذه الحقائق مذهلة وعجيبة جداً. فعدد نبضات القلب تصل إلى (72) نبضة في الدقيقة، أي (100000) نبضة في اليوم الواحد تقريباً، أي اكثر من ملياري نبضة خلال متوسط عمر الإنسان الذي يبلغ (60) سنة ويستمر هذا المحرك العظيم ينبض بالحياة دون صيانة من أحد ودون إزعاج أو صوت أو تلوث للبيئة طيلة هذه الفترة!!! ويدفع هذا القلب كمية (70مللتر) من الدم في الضربة الواحدة من كل بطين، أي (5-6) لتر في الدقيقة أي (7777) لتر في اليوم، أي (350) ألف طن من الدم خلال عمر الإنسان!!! أليس هذا شيئاً عجيباً ومعجزاً؟ شغاف القلب إن القلب أثناء النبض يتحرك حركة قوية وعنيفة ومستمرة ومع ذلك نجده ينبض ويتحرك بكل سهولة ويسر ودون إزعاج أو إعاقة للأعضاء الكثيرة المجاورة له في الصدر كالرئتين والأوعية الدموية والغدة العصترية وعظام القفص الصدري، كيف تمكن القلب من ذلك؟!! اقتضت حكمة الله تعالى أن ينبض القلب داخل كيس ليفي بمعزل عن باقي الأعضاء التي تجاوره ويفرز هذا الكيس مادة سائلة لزجه تساعد على حركة القلب بسهولة ويسر، وهذه المادة تتجدد باستمرار وكميتها تبقى ثابتة وبمقدار معين، إذ لو زادت أو قلت لاضطرب القلب وأعيق عمله وأدى ذلك إلى خطراً كبير ممكن أن يؤدي إلى الوفاة. فلننظر إلى تقدير الله سبحانه وتعالى وحكمته ورحمته جل جلاله. تناسق عمل القلب مع جهد الإنسان إن الشيء العجيب الذي يبهر المتفكر في عمل القلب هو ذلك التناسق الجميل بين عمل القلب وبين المجهود الذي يبذله الإنسان، فنرى أن نبض القلب يزداد حتى يصل إلى (120) نبضة في الدقيقة الواحدة أثناء المجهود، ويرتفع كذلك حجم نتاج القلب ليصل إلى (5-6) لتر خلال (9) ثواني بدلاً من (60) ثانية، أي أن حجم نتاج القلب يزداد سبعة أضعاف الحجم الطبيعي، والعكس من هذا يحدث أثناء الراحة أو النوم إذ تقل نبضات القلب وكمية نتاج القلب بنسبة كبيرة. إن هذا التنسيق الدقيق المدهش يتم بواسطة شبكة من الأعصاب والأجهزة العصبية المعقدة الدقيقة والتي تربط بين عضلة القلب وبين المراكز العصبية العليا في الدماغ. صمامات القلب وأخيراً إخواني؛ إذا أردنا أن نشاهد آية عظيمة من آيات الجمال والجلال في قلب الإنسان فسنجدها في صمامات القلب ذات الصوت الجميل الباهر الذي يسمعه الأطباء عند فحصهم للقلب بواسطة السماعة الطبية، إن هذا الصوت هو صوت متناسق وجميل ويستطيع الأطباء بواسطته الاستدلال على صحة وسلامة القلب من الأمراض والأوجاع القلبية، ونرى في مقابل ذلك عند حدوث الأمراض في صمامات القلب أن هذا الصوت يتغير ويتشوش، ويتبدل الصوت العذب الجميل فيصبح صوتاً مزعجاً ومشوشاً يستطيع الأطباء من خلاله تشخيص نوع المرض والخلل في الصمامات القلبية، إن أي خلل يحدث في أحد هذه الصمامات يؤدي إلى أمراض ومضاعفات خطيرة جداً ممكن أن تؤدي إلى الوفاة في اغلب الأحيان، ونتيجة للتطور الذي حصل في العلوم الصناعية والطبية في هذا الزمان، نجد أن العلماء والأطباء توصلوا إلى ابتكار وإنتاج صمام صناعي ممكن أن يستعملوه للتعويض عن الصمام الجسمي التالف عن طريق إجراء عملية كبرى، والطريف في هذا الأمر أن احدث الصمامات المستعملة في الوقت الحالي هو صمام مصنوع من البلاستك صنع في ألمانيا وفيه ضمان لمدة عشرين سنةً!! وبعد إجراء عملية إبدال وزع الصمام الصناعي تعطى للمريض أدوية مانعة لتخثر الدم حتى لا تحدث المضاعفات بسبب وجود هذا الصمام الصناعي الغريب عن باقي أجزاء الجسم، وهذه الأدوية فيها أعراض ومخاطر جانبية كبيرة جداً وذلك باحتمالية حدوث النزف الدموي، هذا بالإضافة إلى أن المريض يصبح معتل الصحة وقليل المقاومة وسهل التعرض للالتهابات الجرثومية الخطرة جداً. بسم الله الرحمن الرحيم: ((هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين)) (لقمان11) عافانا وعافاكم الله من كل مكروه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين